التكنـولوجـيـا الحـديثـة خطـر يهـدد اللـــــــــــغة العربيـة بسبـب استخـدامـها المـشــوه
غريد الشيخ محمـد أول امرأة عــــــــــــــــــــربية تؤلـــــف معجــــمـاً لـ «اللواء»
∎ جشع التجار من أهم المخاطر على صناعة المعاجم في البلاد العربية
∎ المعاجم العربية المنشورة على الإنترنت والأقراص كلها تجارية وغير منقحة
تجربتنا أكدت انه ليس في العربية كلمات بائدة
∎ العربية لغة عظيمة قادرة على استيعاب كل التطورات والمتغيرات
∎ لا احد يعرف كيف ولماذا اختصرت الكثير من الألفاظ العربية في المعاجم الحديثة
∎ حاورتها لــ (اللواء) - كلود ابو شقرا - بيروت
تعود علاقة الأديبة اللبنانية غريد الشيخ محمد بالأدب إلى الطفولة المبكرة، فقد ولدت في منزل جدرانه من الكتب، وكان والدها يعمل في تصحيح وتدقيق وتنقيح الكتب مع دور النشر، لذا كان الكتاب أول ما وقع نظرها عليه والتهمته بنهم. في ما بعد تخصصت في اللغة العربية وآدابها ونالت دبلوم دراسات عليا، كذلك تخصصت في تحقيق المخطوطات. وقد حفزها اختصاصها إلى التعمق في اللغة العربية وسبر مكامن الجمال فيها، وفي الوقت نفسه اكتشاف سوء التعامل معها من قبل تجار اقتحموا هذا العالم الجميل وشوهوه وأصدروا كتباً ومعاجم موسوعات ناقصة ومليئة بالأخطاء... إزاء هذا الواقع قررت غريد خوض مجال تأليف المعاجم والموسوعات في محاولة منها لإعادة هذه الصناعة إلى مسارها الصحيح بعيدأً عن التشويه الذي أصابها، لا سيما بعدما انتشرت المعاجم على الأقراص المدمجة والإنترنت.... فأنكبت على تأليف معجم يساعد كل من يطلع عليه على اكتشاف جمال اللغة العربية بطريقة علمية وصحيحة، فكان '' المعجم في اللغة والنحو والصرف والإعراب والمصطلحات العلمية ولفلسفية والقانونية والحديثة'' الصادر حديثاً ، وهو في ستة مجلدات و 4672 صفحة، وقد استغرق العمل فيه 10 سنوات بمشاركة إختصاصيين في اللغة والعلوم...
لمناسبة صدور المعجم التقت ''اللواء'' غريد الشيخ وحاورتها حول تجربتها هذه باعتبارها أول إمرأة في العالم العربي تؤلف معجما والصعوبات التي واجهتها في عملها الريادي. يذكر أن غريد أسست ''دار النخبة للنشر'' في بيروت وأصدرت لغاية اليوم سلسلة من المعاجم من تأليفها (معجم المرادفات، معجم الإعراب للطلاب، معجم الحروف والظروف، معجم الأسماء والضمائر، معجم الأفعال وتصريف الأفعال...) بالإضافة إلى الكتب الأدبية من تأليفها وتأليف أدباء لبنانيين وعرب.
تكمن أهمية غريد الشيخ في إيمانها المطلق باللغة العربية ودحضها الأقوال التي تقول بموت هذه اللغة، فهي بالنسبة إليها دائمة الشباب والتألق وقادرة على التعبير عن أكثر المرادفات حداثة تماماً كما تحتفظ بتراث لا ينتهي من الإبداع في الآداب العربية والعلوم المختلفة... لذا لغتنا دائمة التجدد، في رأيها، بينما نحن في تقهقر مستمرّ، والأدهى أننا نضع اللوم على اللغة وهي من ضعفنا براء.
* من أين كانت البداية التي أوصلتك إلى تأليف ''المعجم''؟
- بدأت بتأليف الكتب الموجهة للطلاب والعامة في تبسيط اللغة العربية من نحو وصرف وإملاء، وقد ساعدتني هذه الكتب وأغنت المادة اللغوية عندي وجعلتني أتنبه إلى الأخطاء ومواضع الضعف في الكتب الموجودة بين أيدي الطلاب والقراء، من هنا، بعد الاطلاع على كثير من المعاجم الحديثة وجدت أنه بإمكالني أن أضع معجماً معاصراً يجمع مفردات اللغة العربية قديمها وحديثها بطريقة حديثة وسهلة، ويكون بين أيدي الطبقات كافة من طلاب وقراء ومتخصصين وغير متخصصين في اللغة العربية.
* كيف وجدت الفكرة طريقها إلى التنفيذ؟
- البداية كانت أن وضعنا خطة عمل تبدأ بالتقميش، إذ أفرغنا المادة اللغوية الموجودة في ''لسان العرب'' و''تاج العروس'' و''القاموس المحيط '' واستبعدنا منها المادة الغريبة والتي توسع فيها أصحاب تلك المعاجم بسبب طريقة التأليف في تلك الأيام، وقمنا بتشذيب المادة التي بقيت واختصارها لئلا يضيع القارئ اليوم في متاهات اللغة والتفاصيل التي لا يحتاجها. نحن في عصر يرغب كل منا في أخذ المادة التي يريدها بأقصر الطرق واسهلها.
* ما أبرز محتويات المعجم؟
- يتضمن المعجم: مادة لغوية غزيرة تضم معظم ألفاظ اللغة العربية مع المعاني المختلفة للكلمة، من حيث السياق، عددها نحو 71 ألف ومئة كلمة. مادة نحوية وصرفية، إذ يستطيع الطالب والقارئ الرجوع إلى هذا المعجم لمعرفة ما يريده بالطريقة الأسهل. مادة علمية، اعتمدت تغطية أكبر عدد من المصطلحات العلمية. مادة فلسفية رُجع فيها إلى المراجع المختصة لتفسير المصطلحات. مادة متخصصة بالمصطلحات الحديثة، الاجتماعية والفكرية والأدبية، التي تقرأ يومياً ويكاد كثر لا يعرفون أصولها ومعناها الحقيقي.
* تحدثت في مقدمة المعجم أن ثمة أخطاراً تواجه اللغة العربية اليوم، ما أبرزها؟
- أهم الأخطار التي تهدد اللغة العربية اليوم هي التكنولوجيا السريعة الانتشار والتي دخل فيها التجار، كما دخلوا في غيرها، فباتوا ينشرون المعاجم والموسوعات من دون التحقيق والتصحيح، فنجدها مليئة بالأخطاء الإملائية وفي صميم اللغة، وهذه التكنولوجيا للأسف سريعة الانتشار ويتباهى الناس بأنهم يستطيعون أن يحصلوا على اي معجم بأسهل الطرق وأرخصها.
من المخاطر ما هي موجودة منذ القدم بالنسبة إلى المعاجم المطبوعة، إذ إن كثيراً منها قد طبع من دون تصحيح وبأخطاء كثيرة، وأيضاً تعرضت لجشع التجار، فنجدهم يستخدمون الورق الرخيص والأحرف الصغيرة التي لا تقرأ فيشوهون هذه الأعمال الجليلة التي تعب أصحابها وسهروا الليالي وهم يعملون على إتقانها للحفاظ على هذه اللغة العظيمة.
* لهذه الأسباب تواظب ''دار النخبة'' على إصدار المعاجم؟
- ولغيرها أيضاً، لكن أن أحذر من خطر التكنولوجيا لا يعني الخوف من التطوّر وأساليبه بل الخوف من استخدام هذه التقنيات الحديثة بطريقة تشوه اللغة والتراث العربيين، لما فيها من سرعة انتشار الخطأ وتثبيته في أذهان الناس. ولا بد في هذا المجال من أن أذكر فضائح الأخطاء الإملائية والطباعية والهمزات المتوسطة والمتطرفة وهمزتي الوصل والقطع، هذه لأخطاء المعجمية والمشاكل الطباعية التي أرصدها سيضمها الكتاب الذي سيصدر قريباً مع تسمية الكتب التي سأعتمدها كنماذج للدراس.
* ضمن إطار سلسلة المعاجم أصدرتِ معجم ''أشعار العشق في كتب التراث العربي''، من تأليفك، وهو الأول من نوعه، من أين استقيت مضمونه؟
- يتضمن المعجم الأشعار الواردة في أربعة عشر كتاباً من كتب العشق في التراث العربي وهي: ''الزهرة'' لأبي بكر محمد بن داوود الأصبهاني (توفي 296 هـ)، ''الظرف والظرفاء'' (الموشى) للوشّاء (توفي 325 هـ)، ''إعتلال القلوب في أخبار العشاق والمحبين'' للخرائطي (توفي 327 هـ)، ''طوق الحمامة'' لإبن حزم الأندلسي (توفي 456 هـ)، ''المَصون في سرّ الهوى المكنون'' للحصري القيرواني (توفي 413 هـ)، ''مصارع العشاق'' لجعفر بن أحمد السرّاج (توفي 500 هـ)، ''ذمّ الهوى'' لإبن الجوذي (توفي 597 هـ)، ''مشارق أنوار القلوب ومفاتيح اسرار الغيوب'' لإبن الدباغ (توفي 696 هـ)، ''روضة المحبين ونزهة المشتاقين'' لإبن قيّم الجوزية (توفي 751)، ''أخبار النساء'' لإبن قيّم الجوزية وينسب لإبن الجوزي، ''الواضح المبين في أخبار من استشهد من المحبين'' لإبن مغلطاي (توفي 762 هـ)، ''ديوان الصبابة'' لإبن أبي حجلة الحنبلي (توفي 776 هـ)، ''أسواق الأشواق في مصارع العشاق'' لإبراهيم بن عمر البقاعي (توفي 885هـ)، ''تزيين الأسواق في أخبار العشاق'' لداوود الإنطاكي (توفي 1008 هـ).
المعجم مرتب أبجدياً حسب البيت الأول لكل مجموعة شعر ومرفق بفهارس لقوافي كل بيت من أبيات المعجم بحسب الرويّ، وهو يقع في 852 صفحة من الحجم الكبير.
* وماذا عن معجم ''الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب'' الصادر أيضا عن دار النخبة؟
- هو يمثابة صلة وصل بين القارئ العربي واللغة العربية الجميلة ويتوجه إلى: الإعلاميين والكتّاب والمؤلفين وطلاب كليات الإعلام وطلاب المدارس الثانوية المهتمين بالثقافة العامة.
يحتوي المعجم: مفردات اللغة العربية مع جذر الكلمة وعين الفعل المضارع الثلاثي، والمعاني المختلفة للكلمة، معلومات عامة وتعريفات لأهم الموضوعات التي تتعلق بالإعلام، معلومات علمية وثقافية، مصطلحات، معلومات نحوية، تقنيات الكتابة الصحيحة، كلمات نستخدمها دائماً، قواعد إملائية. يقع في 448 صفحة.
* ثمة معاجم كثيرة اليوم تصدر إلكترونياً على الإنترنت، كيف تقيّمينها؟
- المعاجم العربية المنشورة على الانترنت أو على الأقراص المضغوطة كلها تجارية بحتة وغير مصححة وغير منقحة، لكنها تؤمن، في الوقت ذاته، الاستخدام السهل والسريع، هنا يكمن منبع خطورتها، ذلك أنها تؤخذ عادة من كتب في الأسواق وتعيد الشركات التي تنتجها صفّها كلاسيكياً من دون تنقيح أوتصحيح.
نحن بصدد وضع ''المعجم'' على الأقراص المضغوطة لأنه خال من الأخطاء ويسهل انتشار اللغة الصحيحة، المشروع قيد التنفيذ ونحن في سباق مع الزمن لإصدار هذا ''المعجم'' المصحح مرات لننافس فيه المعاجم السيئة المنتشرة.
* ما هي خطة العمل التي اعتمدت عليها في تأليف المعجم لا سيما أنه يضم اللغة والنحو والصرف والإعراب والمصطلحات العلمية والفلسفية والقانونية والحديثة؟
- أفرغنا ''لسان العرب'' ثم قمنا بتقسيم العمل بعد وضع مخطط للمصطلحات الفلسفية والعلمية التي ترجمناها مباشرة من اللغة الأجنبية بإشراف متخصصين، وأدخلنا المصطلحات الحديثة التي بتنا نستعملها في حديثنا اليومي وعلى شاشاتنا وفي صحفنا، فرأينا ضرورة أن ندخلها في هذا المعجم ونضع اللفظة الأجنبية إلى جانب الكلمة التي نضعها في موضعها، حسب منطوقها اللفظي، وأيضاً رأينا أنه من الضروري أن ندخل بعض الكلمات التي يختلف إعرابها حسب وقوعها في الجملة، فنكون قد توجهنا إلى الطالب والكاتب والمتخصص والفقية والعامل والإعلامي...
* ما الجديد الذي يقدمه المعجم وسط الكم الهائل من المعاجم التي تزخر بها السوق العربية؟
- الجديد أنه يضم، إلى جانب المادة اللغوية الغزيرة، المصطلحات العلمية والتعريفات العلمية لـ الماء والأوزون والاحتباس الحراري...
أشير إلى أننا في هذا المعجم لم نستبعد، كما فعلت المعاجم الحديثة، الكلمات العربية التي اعتبرتها ميتة أو فانية لأننا، بعد المضي في العمل، لاحظنا أنه لا كلمات بائدة في اللغة العربية، فماذا يفعل الطالب الجامعي أو قارئ الفرآن أو محقق التراث، إذا أراد أن يفهم معنى كلمة ما، وإلى أين يعود وهذه الكلمات غير موجودة في المعاجم الحديثة، وكثير من الكتّاب والإعلاميين لا يملكون المعاجم القديمة المؤلفة من أكثر من 10 مجلدات؟
يسهّل ترتيب المعجم بالطريقة الحديثة استخراج أية كلمة ومعانيها المختلفة، لأن المعاجم القديمة كانت مرتبة حسب جذر الكلمة وكثير من الناس اليوم، إلا المتخصصين، يجدون صعوبة في استخراج الكلمة من المعاجم القديمة، لأنهم لا يعرفون الجذور أصلاً. وما يميز معجمنا أننا توجهنا فيه إلى كل طبقات المجتمع فخاطبنا من خلاله الطالب والعالم المتخصص، إذا أراد أحد أن يبحث عن تعريف لكلمة الماء في المعاجم القديمة، يجد كلمة ''معروف''، أي أن الماء معروف معناها حكماً، أما في هذا المعجم فعرّفنا الماء تعريفاً علمياً صحيحاً، كذلك السماء والأرض .
حاولنا في هذا المعجم، أيضاً، أن نضع المجازات التي استخدمها العرب ونحافظ عليها، وهو ما لم تفعله المعاجم الحديثة ، وذلك من منطلق إعجابنا بهذه اللغة العظيمة التي تناسب كل العصور، وقد استطاعت، في يوم من الأيام، أن تستوعب النهضة العلمية التي بدأها العرب يوم ترجموا الكتب الإغريقية واليونانية القديمة إلى العربية، ومنها أخذ الغرب هذه الكتب، وما زالت البصمة العربية موجودة في الحضارة الغربية اليوم. نحن المساكين وقاصرون وليست اللغة العربية قاصرة عن إدراك الغرب والعلم الحديث.
* كيف تمّ اختيار المصطلحات الحديثة التي أوجدتها ثورة التكنولوجيا والإتصال والإعلام؟
- حسب كثرة استخدامها وشيوعها اليوم، وقد قام فريق متخصص باستنساب الأكثر شيوعاً من المعاجم المتخصصة. بالنسبة إلى المادة اللغوية فهي كاملة مئة في المئة، أما في المعجم الفلسفي فتمّ استنساب الكلمات الأكثر استخداماً. العمل أشبه بموسوعة تناسب كل الاختصاصات حتى المعلومات الطبية مختصرة إنما جميلة.
حاولنا تبسيط المادة بشكل يفهمها القارئ العادي وليست للمتخصصين فحسب، مثلاً: كلمة ألأوزون او الاحتباس الحراري عرّفها متخصص ووضعنا أسم الموقع الإلكتروني إذا أراد القارئ التعمق فيها.
* ما الصعوبات التي واجهتها أثناء تأليف هذا المعجم؟
- استغرق العمل فترة زمنية طويلة، فاحتاج إلى إمكانات كبيرة لتغطية النفقات، فقد عمل فيه 30 شخصاً، نصفهم من النساء، بجد ونشاط طوال عشرة أعوام، فكان لا بد من صبر كبير. كذلك تعرضنا لنقص في المراجع الصحيحة، فكثير من المعاجم في السوق فيها أخطاء كبيرة، لذا كنا نقوم أثناء العمل بتنقيح وتصحيح المعاجم الأصلية.
لا بد من أن أشير إلى أن معالي الدكتور عبد العزيز خوجة، وزير الإعلام والثقافة في السعودية، دعم المعجم مادياً، فساهم في إخراجه إلى النور ووقف إلى جانبنا طوال فترة العمل وما زال، إيماناً منه بأهمية بقاء هذه اللغة والحفاظ عليها.
المعجم موجود في مكتبات لبنان وفي الوطن العربي، وثمة وزارات عربية أخذت نسخاً منه ووزعتها بشكل جيد على مكتبات الجامعات، منها وزارة التعليم العالي في السعودية ووزارة الإعلام والثقافة فيها، وزارات الثقافة في: لبنان وسورية والجزائر وتونس. يلاقي المعجم إقبالاً وتشجيعاً من الوزارات العربية ونحن نشارك هذا العام في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب وفي المعارض العربية لنشر هذه العمل الضخم.
* من المعروف أن الصناعة المعجمية اقتصرت لغاية اليوم على الرجال، كيف خضت هذا المجال وأنت امرأة؟
- لا فرق بين المرأة والرجل في العمل، فثمة أعمال قامت بها المرأة على مرّ العصور وتفوقت على الرجل. بالنسبة إلى صناعة المعاجم والموسوعات لم تدخلها سابقاً ربما لأنها تحتاج إلى وقت طويل وتفرّغ كامل.
في ما يتعلق بي، فقد ساعدتني الظروف، ذلك أنني متفرغة ولا يوجد ما يعيقني عن إتمام هذا العمل أو التقصير فيه. كنت وضعت منذ البداية خطة للعمل وسرت عليها من دون التوقف، إلا بسبب بعض الظروف التي تعرض لها لبنان في فترات معينة، لكن سرعان ما كنا نعاود العمل إلى أن أبصر المعجم النور. لم آخذ برأي أحد أثناء عملي، بل كنت أقود هذه السفينة بمفردي لأن السفينة التي يقودها قائدان تغرق، وقد وجدت من يقف إلى جانبي في العمل، فينفذ ما أريده بدقة وحماسة. في هذا المجال أشير إلى أن الدكتور عبد العزيز خوجة وقف إلى جانبي من بداية العمل، لأنه آمن بقدراتي اللغوية والعلمية، فكان بين يديه عشرات الكتب التي ألفتها سابقاً، واليوم المعجم بين أيدي المتخصصين الذين ادركوا مدى إتقاني هذا العمل وأعجبوا به، وهي شهادات اعتزّ بها من أهل الإختصاص وغيرهم.
بالمناسبة أقول إن عدداً من المتخصصين، كل في مجاله، آمنوا بهذا العمل منذ البداية وساهموا في إنجازه بصبر ومحبة منهم: الدكتور منيب العيد، أستاذ علم الفيزياء والفلك في الجامعة الأميركية، الدكتورة إيمان بقاعي (دكتورة في اللغة العربية وأدب الأطفال والشباب)، الأستاذ باسل عيون السود (إختصاصي في اللغة وتحقيق المخطوات)، سليمى الشيخ محمد وهنا عليان (إختصاص لغة إنكليزية)، الشاعرة هدى ميقاتي (إختصاص لغة عربية)، أشير هنا إلى أن ثمة جنوداً مجهولين عملوا بصمت وصبر وتحملوا قسوة العمل، بالإضافة إلى إصراري على إخراجه بأفضل صورة.
* إلى أي مدى يعيق حجم المعجم الضخم وشكله تداوله بين لناس؟
- هذا المعجم موضوع في الأصل للحفاظ على اللغة العربية، القديمة والحديثة، وهو يوضع في المكتبات العامة والجامعات ووسائل الإعلام ليكون مرجعاً في كل يوم وساعة ودقيقة. ونحن نعمل اليوم على اختصاره إلى معجم من جزء واحد يستطيع كل شخص أن يحمله معه حيث يذهب ويكون رفيقاً دائماً له. وفي المعجم الجديد نختصر المصطلحات العلمية والفلسفية حتى الإعراب الذي توسعنا فيه في المعجم الكبير.
* ما جديد الدار على صعيدي المعاجم والكتب؟
- ضمن أعمال الدار التي تعدّ الآن معجم للمراحل الإبتدائية، من تأليفي، إذ نجد فقراً في المعاجم لهذه المرحلة والكثير من الأخطاء التي يقوم بها مؤلفو المعاجم. كذلك يصدر قريباً معجم عربي-عربي للمرحلة التكميلية والثانوية من تأليف د. ايمان بقاعي، معجم مصطلحات أدب الأطفال والشباب، تأليف د. إيمان بقاعي .
صدر حديثاً ''معجمي المصور'' باللغات الثلاث: العربية والإنكليزية والفرنسية، يحتوي حوالى ألف ومئة كلمة و1100 صوة، موجه إلى كل الأعمار ومطبوع بشكل واضح وفاخر ومرتب حسب المحاور والموضوعات، نبدأ من الكون إلى أصغر شيء في الكون، يمتاز بأنه سهل الاستخدام، وفي آخر الكتاب فهرست بالعربي والإنكليزي والفرنسي.
على صعيد الكتب، يصدر قريباً ''حب عالهوا'' و''فيروس الحب'' للكاتبة السعودية انتصار العقيم ، المجموعة الكاملة للشاعر هدى ميقاتي، الترجمة الإنكليزية لكتابي: ''أيامي مع نزار قباني'' و''أيامي مع محمد الفيتوري''، من تأليفي، ''مغامرات عطل الربيع''، ''الأرملة'' و''عزة'' وهي لإيمان بقاعي...
* كيف تقيمين الصناعة المعجمية اليوم؟
- المعاجم الحديثة اختصرت الكثير من الألفاظ العربية القديمة من دون أن أعرف أنا أو غيري على أي أساس تم الإختصار، عدا عن أن كثيراً من المعاجنم لا تخضع للتصحيح الإملائي، فنجدها تعج بالأخطاء التي يندى لها الجبين، ونجد عدداً من الطبعات المتتالية من دون تصحيح أوتنقيح. لكن لا نستطيع أن ننكر أن هناك من يعمل بجد ونشاط وإصرار فظهرت معاجم كثيرة في العصر الحديث تعتبر مقدمة لما نحن فيه اليوم . ولا ننسَى السرقة التي تتعرّض لها معاجم كثيرة فيعاد طبعها وتنسب إلى الدار التي سرقتها، وهنا الطامة الكبرى.
نشير إلى أن مجامع اللغة العربية، في العصر الحديث، لم تصدر لغاية اليوم معجماً كاملا للغة العربية، وهي في الأساس وظيفتها، لكن بعضها يصدر معاجم صغيرة متنوعة. نرجو أن يصدر معجم لغوي كامل، في فترة قريبة، يسعى إلى الحفاظ على متن اللغة وأصولها. أخيراً اقول: خفت على اللغة لذلك صممت على تأليف المعجم ومن يسرقه فليسرقه، على الأقل هو صحيح.
* أخيراً ما أبرز إصدارات »دار النخبة«؟
- سلسلة ''أيام معهم'' من تأليفي، صدر منها لغاية اليوم: جرير، نزار قباني، محمد الفيتوري، عبد العزيز خوجة، هدى ميقاتي. ''كيف تحكي حكاية للأطفال''، يَتوجّه هذا الكتابِ إلى معلماتِ الرّوضة، والأُمّهات والجدَّات والآباء، وكذلك إلى أمناء مكتبات الأطفال والرواةُ ويُساعد كلِّ هؤلاء على اكتشافِ تِقنياتِ فَن رِواية القِصّة بِتفاصيلِها الدقيقةِ التي قد تكون خافِية حتى على بَعضِ مَن امتهنَ رِوايةَ الحِكاياتِ.
من إصدارات الدار أيضاً: ''الفسيفساء والسجاد الشرقي'' تأليف: د. بشار حيدر. ''أجيئك حيث تكونين'' (مجموعة قصصيّة) تأليف د، إيمان بقاعي. سلسلة النُّخبة للأطفال: ''أحرفي الأُولى'' (عربي، انكليزي، فرنسي) ''يوميات حَمُّور'' (قصة للأطفال) من تأليفي، ''أرقامي الأولى'' (عربي، انكليزي، فرنسي). ''عمري أنا'' (قصائد نثريّة)، تأليف زينب عبد الباقي. ''حين تهطل السماء دموعًا'' (رواية) للكاتبة السعودية انتصار العقيل.
كذلك أصدرت الدار: ''باب السُّنُط'' (مجموعة نصوص نثرية وشعرية) تأليف الإخوة جبريل: عادل عثمان عوض، عوض عثمان عوض، محمد عثمان عوض، تحملنا هذه النصوص إلى معاناةٍ عاشوها في الغُربةِ، فنلمح الشتات والغربة والانسلاخ عن الوطن، ونلمح أيضًا التأثير الإيجابِي لهذا التّغَرُّب القسرِي ونَتَذكّر حالات مماثلةً أدى فيها التَّغَرُّب إلى الضياعِ والزوال.
''مواجد وأشواق''، قراءة في شِعر عبد العزيز خوجة، تأليف: د. بكري شيخ أمين، يحاول الكاتب الغوص في شخصية الشاعر مِن خلال تَحليل شعره ويتوصل، في نهاية دراسته، إلى أن للشاعر أسلوبًا غير الأسلوب الذي اعتدنا أن نسمعه، وأن أقرب شِعرٍ له هو شعر أولئك الذين أذابتهم الأشواق والمواجد، وقرّحت عيونهم الدموع الغِزار، وأثبتَ الوجد على خدودهم خطوطًا مثل البَهَارِ والعَنَمِ، وأضنى قلوبهم التطَلّع إلى الملإ الأعلى.
غريد الشيخ محمـد أول امرأة عــــــــــــــــــــربية تؤلـــــف معجــــمـاً لـ «اللواء»
∎ جشع التجار من أهم المخاطر على صناعة المعاجم في البلاد العربية
∎ المعاجم العربية المنشورة على الإنترنت والأقراص كلها تجارية وغير منقحة
تجربتنا أكدت انه ليس في العربية كلمات بائدة
∎ العربية لغة عظيمة قادرة على استيعاب كل التطورات والمتغيرات
∎ لا احد يعرف كيف ولماذا اختصرت الكثير من الألفاظ العربية في المعاجم الحديثة
∎ حاورتها لــ (اللواء) - كلود ابو شقرا - بيروت
تعود علاقة الأديبة اللبنانية غريد الشيخ محمد بالأدب إلى الطفولة المبكرة، فقد ولدت في منزل جدرانه من الكتب، وكان والدها يعمل في تصحيح وتدقيق وتنقيح الكتب مع دور النشر، لذا كان الكتاب أول ما وقع نظرها عليه والتهمته بنهم. في ما بعد تخصصت في اللغة العربية وآدابها ونالت دبلوم دراسات عليا، كذلك تخصصت في تحقيق المخطوطات. وقد حفزها اختصاصها إلى التعمق في اللغة العربية وسبر مكامن الجمال فيها، وفي الوقت نفسه اكتشاف سوء التعامل معها من قبل تجار اقتحموا هذا العالم الجميل وشوهوه وأصدروا كتباً ومعاجم موسوعات ناقصة ومليئة بالأخطاء... إزاء هذا الواقع قررت غريد خوض مجال تأليف المعاجم والموسوعات في محاولة منها لإعادة هذه الصناعة إلى مسارها الصحيح بعيدأً عن التشويه الذي أصابها، لا سيما بعدما انتشرت المعاجم على الأقراص المدمجة والإنترنت.... فأنكبت على تأليف معجم يساعد كل من يطلع عليه على اكتشاف جمال اللغة العربية بطريقة علمية وصحيحة، فكان '' المعجم في اللغة والنحو والصرف والإعراب والمصطلحات العلمية ولفلسفية والقانونية والحديثة'' الصادر حديثاً ، وهو في ستة مجلدات و 4672 صفحة، وقد استغرق العمل فيه 10 سنوات بمشاركة إختصاصيين في اللغة والعلوم...
لمناسبة صدور المعجم التقت ''اللواء'' غريد الشيخ وحاورتها حول تجربتها هذه باعتبارها أول إمرأة في العالم العربي تؤلف معجما والصعوبات التي واجهتها في عملها الريادي. يذكر أن غريد أسست ''دار النخبة للنشر'' في بيروت وأصدرت لغاية اليوم سلسلة من المعاجم من تأليفها (معجم المرادفات، معجم الإعراب للطلاب، معجم الحروف والظروف، معجم الأسماء والضمائر، معجم الأفعال وتصريف الأفعال...) بالإضافة إلى الكتب الأدبية من تأليفها وتأليف أدباء لبنانيين وعرب.
تكمن أهمية غريد الشيخ في إيمانها المطلق باللغة العربية ودحضها الأقوال التي تقول بموت هذه اللغة، فهي بالنسبة إليها دائمة الشباب والتألق وقادرة على التعبير عن أكثر المرادفات حداثة تماماً كما تحتفظ بتراث لا ينتهي من الإبداع في الآداب العربية والعلوم المختلفة... لذا لغتنا دائمة التجدد، في رأيها، بينما نحن في تقهقر مستمرّ، والأدهى أننا نضع اللوم على اللغة وهي من ضعفنا براء.
* من أين كانت البداية التي أوصلتك إلى تأليف ''المعجم''؟
- بدأت بتأليف الكتب الموجهة للطلاب والعامة في تبسيط اللغة العربية من نحو وصرف وإملاء، وقد ساعدتني هذه الكتب وأغنت المادة اللغوية عندي وجعلتني أتنبه إلى الأخطاء ومواضع الضعف في الكتب الموجودة بين أيدي الطلاب والقراء، من هنا، بعد الاطلاع على كثير من المعاجم الحديثة وجدت أنه بإمكالني أن أضع معجماً معاصراً يجمع مفردات اللغة العربية قديمها وحديثها بطريقة حديثة وسهلة، ويكون بين أيدي الطبقات كافة من طلاب وقراء ومتخصصين وغير متخصصين في اللغة العربية.
* كيف وجدت الفكرة طريقها إلى التنفيذ؟
- البداية كانت أن وضعنا خطة عمل تبدأ بالتقميش، إذ أفرغنا المادة اللغوية الموجودة في ''لسان العرب'' و''تاج العروس'' و''القاموس المحيط '' واستبعدنا منها المادة الغريبة والتي توسع فيها أصحاب تلك المعاجم بسبب طريقة التأليف في تلك الأيام، وقمنا بتشذيب المادة التي بقيت واختصارها لئلا يضيع القارئ اليوم في متاهات اللغة والتفاصيل التي لا يحتاجها. نحن في عصر يرغب كل منا في أخذ المادة التي يريدها بأقصر الطرق واسهلها.
* ما أبرز محتويات المعجم؟
- يتضمن المعجم: مادة لغوية غزيرة تضم معظم ألفاظ اللغة العربية مع المعاني المختلفة للكلمة، من حيث السياق، عددها نحو 71 ألف ومئة كلمة. مادة نحوية وصرفية، إذ يستطيع الطالب والقارئ الرجوع إلى هذا المعجم لمعرفة ما يريده بالطريقة الأسهل. مادة علمية، اعتمدت تغطية أكبر عدد من المصطلحات العلمية. مادة فلسفية رُجع فيها إلى المراجع المختصة لتفسير المصطلحات. مادة متخصصة بالمصطلحات الحديثة، الاجتماعية والفكرية والأدبية، التي تقرأ يومياً ويكاد كثر لا يعرفون أصولها ومعناها الحقيقي.
* تحدثت في مقدمة المعجم أن ثمة أخطاراً تواجه اللغة العربية اليوم، ما أبرزها؟
- أهم الأخطار التي تهدد اللغة العربية اليوم هي التكنولوجيا السريعة الانتشار والتي دخل فيها التجار، كما دخلوا في غيرها، فباتوا ينشرون المعاجم والموسوعات من دون التحقيق والتصحيح، فنجدها مليئة بالأخطاء الإملائية وفي صميم اللغة، وهذه التكنولوجيا للأسف سريعة الانتشار ويتباهى الناس بأنهم يستطيعون أن يحصلوا على اي معجم بأسهل الطرق وأرخصها.
من المخاطر ما هي موجودة منذ القدم بالنسبة إلى المعاجم المطبوعة، إذ إن كثيراً منها قد طبع من دون تصحيح وبأخطاء كثيرة، وأيضاً تعرضت لجشع التجار، فنجدهم يستخدمون الورق الرخيص والأحرف الصغيرة التي لا تقرأ فيشوهون هذه الأعمال الجليلة التي تعب أصحابها وسهروا الليالي وهم يعملون على إتقانها للحفاظ على هذه اللغة العظيمة.
* لهذه الأسباب تواظب ''دار النخبة'' على إصدار المعاجم؟
- ولغيرها أيضاً، لكن أن أحذر من خطر التكنولوجيا لا يعني الخوف من التطوّر وأساليبه بل الخوف من استخدام هذه التقنيات الحديثة بطريقة تشوه اللغة والتراث العربيين، لما فيها من سرعة انتشار الخطأ وتثبيته في أذهان الناس. ولا بد في هذا المجال من أن أذكر فضائح الأخطاء الإملائية والطباعية والهمزات المتوسطة والمتطرفة وهمزتي الوصل والقطع، هذه لأخطاء المعجمية والمشاكل الطباعية التي أرصدها سيضمها الكتاب الذي سيصدر قريباً مع تسمية الكتب التي سأعتمدها كنماذج للدراس.
* ضمن إطار سلسلة المعاجم أصدرتِ معجم ''أشعار العشق في كتب التراث العربي''، من تأليفك، وهو الأول من نوعه، من أين استقيت مضمونه؟
- يتضمن المعجم الأشعار الواردة في أربعة عشر كتاباً من كتب العشق في التراث العربي وهي: ''الزهرة'' لأبي بكر محمد بن داوود الأصبهاني (توفي 296 هـ)، ''الظرف والظرفاء'' (الموشى) للوشّاء (توفي 325 هـ)، ''إعتلال القلوب في أخبار العشاق والمحبين'' للخرائطي (توفي 327 هـ)، ''طوق الحمامة'' لإبن حزم الأندلسي (توفي 456 هـ)، ''المَصون في سرّ الهوى المكنون'' للحصري القيرواني (توفي 413 هـ)، ''مصارع العشاق'' لجعفر بن أحمد السرّاج (توفي 500 هـ)، ''ذمّ الهوى'' لإبن الجوذي (توفي 597 هـ)، ''مشارق أنوار القلوب ومفاتيح اسرار الغيوب'' لإبن الدباغ (توفي 696 هـ)، ''روضة المحبين ونزهة المشتاقين'' لإبن قيّم الجوزية (توفي 751)، ''أخبار النساء'' لإبن قيّم الجوزية وينسب لإبن الجوزي، ''الواضح المبين في أخبار من استشهد من المحبين'' لإبن مغلطاي (توفي 762 هـ)، ''ديوان الصبابة'' لإبن أبي حجلة الحنبلي (توفي 776 هـ)، ''أسواق الأشواق في مصارع العشاق'' لإبراهيم بن عمر البقاعي (توفي 885هـ)، ''تزيين الأسواق في أخبار العشاق'' لداوود الإنطاكي (توفي 1008 هـ).
المعجم مرتب أبجدياً حسب البيت الأول لكل مجموعة شعر ومرفق بفهارس لقوافي كل بيت من أبيات المعجم بحسب الرويّ، وهو يقع في 852 صفحة من الحجم الكبير.
* وماذا عن معجم ''الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب'' الصادر أيضا عن دار النخبة؟
- هو يمثابة صلة وصل بين القارئ العربي واللغة العربية الجميلة ويتوجه إلى: الإعلاميين والكتّاب والمؤلفين وطلاب كليات الإعلام وطلاب المدارس الثانوية المهتمين بالثقافة العامة.
يحتوي المعجم: مفردات اللغة العربية مع جذر الكلمة وعين الفعل المضارع الثلاثي، والمعاني المختلفة للكلمة، معلومات عامة وتعريفات لأهم الموضوعات التي تتعلق بالإعلام، معلومات علمية وثقافية، مصطلحات، معلومات نحوية، تقنيات الكتابة الصحيحة، كلمات نستخدمها دائماً، قواعد إملائية. يقع في 448 صفحة.
* ثمة معاجم كثيرة اليوم تصدر إلكترونياً على الإنترنت، كيف تقيّمينها؟
- المعاجم العربية المنشورة على الانترنت أو على الأقراص المضغوطة كلها تجارية بحتة وغير مصححة وغير منقحة، لكنها تؤمن، في الوقت ذاته، الاستخدام السهل والسريع، هنا يكمن منبع خطورتها، ذلك أنها تؤخذ عادة من كتب في الأسواق وتعيد الشركات التي تنتجها صفّها كلاسيكياً من دون تنقيح أوتصحيح.
نحن بصدد وضع ''المعجم'' على الأقراص المضغوطة لأنه خال من الأخطاء ويسهل انتشار اللغة الصحيحة، المشروع قيد التنفيذ ونحن في سباق مع الزمن لإصدار هذا ''المعجم'' المصحح مرات لننافس فيه المعاجم السيئة المنتشرة.
* ما هي خطة العمل التي اعتمدت عليها في تأليف المعجم لا سيما أنه يضم اللغة والنحو والصرف والإعراب والمصطلحات العلمية والفلسفية والقانونية والحديثة؟
- أفرغنا ''لسان العرب'' ثم قمنا بتقسيم العمل بعد وضع مخطط للمصطلحات الفلسفية والعلمية التي ترجمناها مباشرة من اللغة الأجنبية بإشراف متخصصين، وأدخلنا المصطلحات الحديثة التي بتنا نستعملها في حديثنا اليومي وعلى شاشاتنا وفي صحفنا، فرأينا ضرورة أن ندخلها في هذا المعجم ونضع اللفظة الأجنبية إلى جانب الكلمة التي نضعها في موضعها، حسب منطوقها اللفظي، وأيضاً رأينا أنه من الضروري أن ندخل بعض الكلمات التي يختلف إعرابها حسب وقوعها في الجملة، فنكون قد توجهنا إلى الطالب والكاتب والمتخصص والفقية والعامل والإعلامي...
* ما الجديد الذي يقدمه المعجم وسط الكم الهائل من المعاجم التي تزخر بها السوق العربية؟
- الجديد أنه يضم، إلى جانب المادة اللغوية الغزيرة، المصطلحات العلمية والتعريفات العلمية لـ الماء والأوزون والاحتباس الحراري...
أشير إلى أننا في هذا المعجم لم نستبعد، كما فعلت المعاجم الحديثة، الكلمات العربية التي اعتبرتها ميتة أو فانية لأننا، بعد المضي في العمل، لاحظنا أنه لا كلمات بائدة في اللغة العربية، فماذا يفعل الطالب الجامعي أو قارئ الفرآن أو محقق التراث، إذا أراد أن يفهم معنى كلمة ما، وإلى أين يعود وهذه الكلمات غير موجودة في المعاجم الحديثة، وكثير من الكتّاب والإعلاميين لا يملكون المعاجم القديمة المؤلفة من أكثر من 10 مجلدات؟
يسهّل ترتيب المعجم بالطريقة الحديثة استخراج أية كلمة ومعانيها المختلفة، لأن المعاجم القديمة كانت مرتبة حسب جذر الكلمة وكثير من الناس اليوم، إلا المتخصصين، يجدون صعوبة في استخراج الكلمة من المعاجم القديمة، لأنهم لا يعرفون الجذور أصلاً. وما يميز معجمنا أننا توجهنا فيه إلى كل طبقات المجتمع فخاطبنا من خلاله الطالب والعالم المتخصص، إذا أراد أحد أن يبحث عن تعريف لكلمة الماء في المعاجم القديمة، يجد كلمة ''معروف''، أي أن الماء معروف معناها حكماً، أما في هذا المعجم فعرّفنا الماء تعريفاً علمياً صحيحاً، كذلك السماء والأرض .
حاولنا في هذا المعجم، أيضاً، أن نضع المجازات التي استخدمها العرب ونحافظ عليها، وهو ما لم تفعله المعاجم الحديثة ، وذلك من منطلق إعجابنا بهذه اللغة العظيمة التي تناسب كل العصور، وقد استطاعت، في يوم من الأيام، أن تستوعب النهضة العلمية التي بدأها العرب يوم ترجموا الكتب الإغريقية واليونانية القديمة إلى العربية، ومنها أخذ الغرب هذه الكتب، وما زالت البصمة العربية موجودة في الحضارة الغربية اليوم. نحن المساكين وقاصرون وليست اللغة العربية قاصرة عن إدراك الغرب والعلم الحديث.
* كيف تمّ اختيار المصطلحات الحديثة التي أوجدتها ثورة التكنولوجيا والإتصال والإعلام؟
- حسب كثرة استخدامها وشيوعها اليوم، وقد قام فريق متخصص باستنساب الأكثر شيوعاً من المعاجم المتخصصة. بالنسبة إلى المادة اللغوية فهي كاملة مئة في المئة، أما في المعجم الفلسفي فتمّ استنساب الكلمات الأكثر استخداماً. العمل أشبه بموسوعة تناسب كل الاختصاصات حتى المعلومات الطبية مختصرة إنما جميلة.
حاولنا تبسيط المادة بشكل يفهمها القارئ العادي وليست للمتخصصين فحسب، مثلاً: كلمة ألأوزون او الاحتباس الحراري عرّفها متخصص ووضعنا أسم الموقع الإلكتروني إذا أراد القارئ التعمق فيها.
* ما الصعوبات التي واجهتها أثناء تأليف هذا المعجم؟
- استغرق العمل فترة زمنية طويلة، فاحتاج إلى إمكانات كبيرة لتغطية النفقات، فقد عمل فيه 30 شخصاً، نصفهم من النساء، بجد ونشاط طوال عشرة أعوام، فكان لا بد من صبر كبير. كذلك تعرضنا لنقص في المراجع الصحيحة، فكثير من المعاجم في السوق فيها أخطاء كبيرة، لذا كنا نقوم أثناء العمل بتنقيح وتصحيح المعاجم الأصلية.
لا بد من أن أشير إلى أن معالي الدكتور عبد العزيز خوجة، وزير الإعلام والثقافة في السعودية، دعم المعجم مادياً، فساهم في إخراجه إلى النور ووقف إلى جانبنا طوال فترة العمل وما زال، إيماناً منه بأهمية بقاء هذه اللغة والحفاظ عليها.
المعجم موجود في مكتبات لبنان وفي الوطن العربي، وثمة وزارات عربية أخذت نسخاً منه ووزعتها بشكل جيد على مكتبات الجامعات، منها وزارة التعليم العالي في السعودية ووزارة الإعلام والثقافة فيها، وزارات الثقافة في: لبنان وسورية والجزائر وتونس. يلاقي المعجم إقبالاً وتشجيعاً من الوزارات العربية ونحن نشارك هذا العام في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب وفي المعارض العربية لنشر هذه العمل الضخم.
* من المعروف أن الصناعة المعجمية اقتصرت لغاية اليوم على الرجال، كيف خضت هذا المجال وأنت امرأة؟
- لا فرق بين المرأة والرجل في العمل، فثمة أعمال قامت بها المرأة على مرّ العصور وتفوقت على الرجل. بالنسبة إلى صناعة المعاجم والموسوعات لم تدخلها سابقاً ربما لأنها تحتاج إلى وقت طويل وتفرّغ كامل.
في ما يتعلق بي، فقد ساعدتني الظروف، ذلك أنني متفرغة ولا يوجد ما يعيقني عن إتمام هذا العمل أو التقصير فيه. كنت وضعت منذ البداية خطة للعمل وسرت عليها من دون التوقف، إلا بسبب بعض الظروف التي تعرض لها لبنان في فترات معينة، لكن سرعان ما كنا نعاود العمل إلى أن أبصر المعجم النور. لم آخذ برأي أحد أثناء عملي، بل كنت أقود هذه السفينة بمفردي لأن السفينة التي يقودها قائدان تغرق، وقد وجدت من يقف إلى جانبي في العمل، فينفذ ما أريده بدقة وحماسة. في هذا المجال أشير إلى أن الدكتور عبد العزيز خوجة وقف إلى جانبي من بداية العمل، لأنه آمن بقدراتي اللغوية والعلمية، فكان بين يديه عشرات الكتب التي ألفتها سابقاً، واليوم المعجم بين أيدي المتخصصين الذين ادركوا مدى إتقاني هذا العمل وأعجبوا به، وهي شهادات اعتزّ بها من أهل الإختصاص وغيرهم.
بالمناسبة أقول إن عدداً من المتخصصين، كل في مجاله، آمنوا بهذا العمل منذ البداية وساهموا في إنجازه بصبر ومحبة منهم: الدكتور منيب العيد، أستاذ علم الفيزياء والفلك في الجامعة الأميركية، الدكتورة إيمان بقاعي (دكتورة في اللغة العربية وأدب الأطفال والشباب)، الأستاذ باسل عيون السود (إختصاصي في اللغة وتحقيق المخطوات)، سليمى الشيخ محمد وهنا عليان (إختصاص لغة إنكليزية)، الشاعرة هدى ميقاتي (إختصاص لغة عربية)، أشير هنا إلى أن ثمة جنوداً مجهولين عملوا بصمت وصبر وتحملوا قسوة العمل، بالإضافة إلى إصراري على إخراجه بأفضل صورة.
* إلى أي مدى يعيق حجم المعجم الضخم وشكله تداوله بين لناس؟
- هذا المعجم موضوع في الأصل للحفاظ على اللغة العربية، القديمة والحديثة، وهو يوضع في المكتبات العامة والجامعات ووسائل الإعلام ليكون مرجعاً في كل يوم وساعة ودقيقة. ونحن نعمل اليوم على اختصاره إلى معجم من جزء واحد يستطيع كل شخص أن يحمله معه حيث يذهب ويكون رفيقاً دائماً له. وفي المعجم الجديد نختصر المصطلحات العلمية والفلسفية حتى الإعراب الذي توسعنا فيه في المعجم الكبير.
* ما جديد الدار على صعيدي المعاجم والكتب؟
- ضمن أعمال الدار التي تعدّ الآن معجم للمراحل الإبتدائية، من تأليفي، إذ نجد فقراً في المعاجم لهذه المرحلة والكثير من الأخطاء التي يقوم بها مؤلفو المعاجم. كذلك يصدر قريباً معجم عربي-عربي للمرحلة التكميلية والثانوية من تأليف د. ايمان بقاعي، معجم مصطلحات أدب الأطفال والشباب، تأليف د. إيمان بقاعي .
صدر حديثاً ''معجمي المصور'' باللغات الثلاث: العربية والإنكليزية والفرنسية، يحتوي حوالى ألف ومئة كلمة و1100 صوة، موجه إلى كل الأعمار ومطبوع بشكل واضح وفاخر ومرتب حسب المحاور والموضوعات، نبدأ من الكون إلى أصغر شيء في الكون، يمتاز بأنه سهل الاستخدام، وفي آخر الكتاب فهرست بالعربي والإنكليزي والفرنسي.
على صعيد الكتب، يصدر قريباً ''حب عالهوا'' و''فيروس الحب'' للكاتبة السعودية انتصار العقيم ، المجموعة الكاملة للشاعر هدى ميقاتي، الترجمة الإنكليزية لكتابي: ''أيامي مع نزار قباني'' و''أيامي مع محمد الفيتوري''، من تأليفي، ''مغامرات عطل الربيع''، ''الأرملة'' و''عزة'' وهي لإيمان بقاعي...
* كيف تقيمين الصناعة المعجمية اليوم؟
- المعاجم الحديثة اختصرت الكثير من الألفاظ العربية القديمة من دون أن أعرف أنا أو غيري على أي أساس تم الإختصار، عدا عن أن كثيراً من المعاجنم لا تخضع للتصحيح الإملائي، فنجدها تعج بالأخطاء التي يندى لها الجبين، ونجد عدداً من الطبعات المتتالية من دون تصحيح أوتنقيح. لكن لا نستطيع أن ننكر أن هناك من يعمل بجد ونشاط وإصرار فظهرت معاجم كثيرة في العصر الحديث تعتبر مقدمة لما نحن فيه اليوم . ولا ننسَى السرقة التي تتعرّض لها معاجم كثيرة فيعاد طبعها وتنسب إلى الدار التي سرقتها، وهنا الطامة الكبرى.
نشير إلى أن مجامع اللغة العربية، في العصر الحديث، لم تصدر لغاية اليوم معجماً كاملا للغة العربية، وهي في الأساس وظيفتها، لكن بعضها يصدر معاجم صغيرة متنوعة. نرجو أن يصدر معجم لغوي كامل، في فترة قريبة، يسعى إلى الحفاظ على متن اللغة وأصولها. أخيراً اقول: خفت على اللغة لذلك صممت على تأليف المعجم ومن يسرقه فليسرقه، على الأقل هو صحيح.
* أخيراً ما أبرز إصدارات »دار النخبة«؟
- سلسلة ''أيام معهم'' من تأليفي، صدر منها لغاية اليوم: جرير، نزار قباني، محمد الفيتوري، عبد العزيز خوجة، هدى ميقاتي. ''كيف تحكي حكاية للأطفال''، يَتوجّه هذا الكتابِ إلى معلماتِ الرّوضة، والأُمّهات والجدَّات والآباء، وكذلك إلى أمناء مكتبات الأطفال والرواةُ ويُساعد كلِّ هؤلاء على اكتشافِ تِقنياتِ فَن رِواية القِصّة بِتفاصيلِها الدقيقةِ التي قد تكون خافِية حتى على بَعضِ مَن امتهنَ رِوايةَ الحِكاياتِ.
من إصدارات الدار أيضاً: ''الفسيفساء والسجاد الشرقي'' تأليف: د. بشار حيدر. ''أجيئك حيث تكونين'' (مجموعة قصصيّة) تأليف د، إيمان بقاعي. سلسلة النُّخبة للأطفال: ''أحرفي الأُولى'' (عربي، انكليزي، فرنسي) ''يوميات حَمُّور'' (قصة للأطفال) من تأليفي، ''أرقامي الأولى'' (عربي، انكليزي، فرنسي). ''عمري أنا'' (قصائد نثريّة)، تأليف زينب عبد الباقي. ''حين تهطل السماء دموعًا'' (رواية) للكاتبة السعودية انتصار العقيل.
كذلك أصدرت الدار: ''باب السُّنُط'' (مجموعة نصوص نثرية وشعرية) تأليف الإخوة جبريل: عادل عثمان عوض، عوض عثمان عوض، محمد عثمان عوض، تحملنا هذه النصوص إلى معاناةٍ عاشوها في الغُربةِ، فنلمح الشتات والغربة والانسلاخ عن الوطن، ونلمح أيضًا التأثير الإيجابِي لهذا التّغَرُّب القسرِي ونَتَذكّر حالات مماثلةً أدى فيها التَّغَرُّب إلى الضياعِ والزوال.
''مواجد وأشواق''، قراءة في شِعر عبد العزيز خوجة، تأليف: د. بكري شيخ أمين، يحاول الكاتب الغوص في شخصية الشاعر مِن خلال تَحليل شعره ويتوصل، في نهاية دراسته، إلى أن للشاعر أسلوبًا غير الأسلوب الذي اعتدنا أن نسمعه، وأن أقرب شِعرٍ له هو شعر أولئك الذين أذابتهم الأشواق والمواجد، وقرّحت عيونهم الدموع الغِزار، وأثبتَ الوجد على خدودهم خطوطًا مثل البَهَارِ والعَنَمِ، وأضنى قلوبهم التطَلّع إلى الملإ الأعلى.
No comments:
Post a Comment